" الحب عبر الإنترنت "
سمعنا بالحب من أول نظرة ، وسمعنا بالحب للبطولة والشهامة والفروسية والرجولة ، وسمعنا بالحب من نبرات الصوت ، وسمعنا بالحب للمال وللجاه ، وسمعنا بالحب بالجامعة ، وسمعنا بالحب بالوظيفة ، وغيرها من أنواع الحب التي نسمع بها وتنقل لنا أحداثها المسلسلات العربية الهابطة ، عفوًا أقصد الراقية التي تعج بها فضاءتنا أينما اتجهنا .
واليوم نسمع ونشاهد الحب الحديث وهو الحب النتي أي عبر الإنترنت ؛ فتسمع فصول ومشاهد وأدوار بدعية وغريبة في كينونتها وأطوارها .
فهذا الحب مسح كل ما سبقه من أنواع الحب التي قد يكون لمسبباتها ومبرراتها القبول في أبسط حالاتها ، ولكن هذا الحب الجديد الذي بدأ يطفوا على السطح وينتشر بين أبناء النت ، بين متحابين لا يعرف أحدهم الأخر ولا يعلم عنه شيئًا ولا يدري أين أرضه ولا سماه ، فكل منهم مختفي خلف تلك الشاشة وتحت اسم مستعار ولا تعلم جنسه ولا أصله ولا فصله ولا معتقده ولا هواه ولا اتجاهه ولا أي شي عنه وأقلها معرفة اسمه الحقيقي وجنسيته وجنسه .
ولنفرض أن كل منهما عرف اسم الأخر وبلده ! فهل هما صادقين بهذا التعريف ؟
ولنفرض أنهما كانا صادقين ، فهل هذا الحب حقيقي أم هو وهمي أم فضولي ، أم سد فراغ عاطفي لديهما أو لدى أحدهما ؟
فالحب الفضولي ناتج عن فضول أحدهما أو كلاهما للتعرف على الأخر ومعرفة بعض الأمور عنه ؛ وينتهي بعد انتهاء الأمر الذي كان من أجله كان .
أما الحب الوهمي ؛ فهو إعجاب أحدهما بالأخر أو إعجاب كل منهما بالأخر ويكون هذا الإعجاب بصفة معينة أو عدد من الصفات التي ظهرت من خلال التعارف أو المشاركات هنا أو هناك ، فيكون الإعجاب ويعتقدان أن هذا هو الحب فيهيمان بالحب والغرام فترة من الزمن إلى أن يكتشفا الحقيقة بانتهاء الكلام العذب والجميل والعيش في التكرار والمزايدة في الأحرف والكلمات التي تصل إلى ذروتها التراكمية فتزول سحابة هذا الحب الزائف فتتكشف الحقيقة وينتهي معها هذا الحب الوهمي الذي عاشا فيه .
وقد يكون هذا الحب نتاج فراغ عاطفي لدى أحدهما أو كليهما ، وهذا من أخطر الأنواع خاصة على الفتاة ؛ فقد تقع فيه فتاة متزوجة ؛ ولكنها تفتقر إلى العاطفة وتعيش هيمان عاطفي كبير ، مما يسهل للذئاب البشرية من استغلال هذا الفراغ العاطفي الذي تعيشه في إشباع غرائزه العاطفية الحيوانية ، وبعد أن يخلص منها يرمي بها في سلة القاذورات ، وعندما تفيق تجد نفسها حقيرة تافهة لأنها عاشت هذا الحب الوهمي مع من استغلها وعبث بها ثم تخلى عنها ورماها ، فتكون عواقبه عواقب لا تحمد عقباها .
وقد يوجد كسر لهذه القاعدة بوجود حب حقيقي ، ولكنه مع ذلك يؤل إلى الفشل وتكون نهايته الشك والريبة كل طرف بصاحبه .
ومع ذلك فإنه في كل الحالات الخاسر الوحيد في هذه الأنواع من الحب ، أو حب الإنترنت هو الفتاة مع من عاشت فصول هذا الحب ، فكيف بها إذا وقعت فريسة لذئب لا يخاف الله ، واستغل تلك المسكينة لتحقيق مأربه وغرائزه البهيمية الشيطانية – ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم – حفظنا الله وإياكم من كل الشرور .
لذا فإنه من الواجب عدم التعود على محادثة عبر النت بدون داعي أو تحقيق هدف معين والدخول في قضايا تفضي إلى مثل تلك المكامن التي يضعف كل منهما أمامها ، بل إن كان هناك أمر ملح يستدعي المراسلة سواء بالبريد الإلكتروني أو بواسطة الرسائل عبر الخاص بالمنتديات أو بالمحادثات الفورية كالماسنجر أو الشات ونحوها ، فإنه يتوجب على كل طرف أن يلتزم الأدب والأخلاق الإسلامية في ذلك ، وأن لا يخرج عن الموضوع الرئيس الذي كانت من أجله المحادثة أو المراسلة ، وأن تكون في أضيق الحدود.
خاصة الفتاة ، لأنها هي الخاسر الأول والأخير في هذا المضمار ، لذا عليها أن تلتزم في المحادثة كل الآداب والأخلاق وأضيق الحدود في الكلمات والعبارات المختصرة دون التمادي فيها ، ومتى شعرت بالخطر من المقابل عليها أن تنسحب ولا تتمادى بحجة أنها واثقة من نفسها وأنها متربية وعلى خلق ودين .
أقول لا تغامري وأعلمي أن من سمح لنفسه أن يتجاوز الحدود معك أنه ذئب بشري متستر بثوب أبيض وهمي يستخدمه قناع لصيد فرائسه ، وتذكري دائمًا أن الحب عبر الإنترنت هو مصيبة من أكبر المصائب ، وأنه مصيدة من أكبر المصائد ، وكذبة من أكبر الأكاذيب التي تهوي بالمتحابين فيه للهاوية .
وقد يكون العكس أن من يبادر بالحب والتمادي في تلك الكلمات هي الفتاة لأنها أحبت هذا الشاب وهي لا تعرف رسمه ولا اسمه ولكنها أعجبت بكتاباته وبمشاركاته وردوده وتواجده وأسلوبه المهذب فتحول هذا الإعجاب إلى حب جعلها تبدأ بمطاردته تحت أي مسمى وأي عذر حتى توقع به في شراكها لتشبع عاطفتها وغريزتها من هذا المسكين – وللأسف أن هناك حالات كثيرة وقعت تحت هذه المظلة – .
وقد تبدأ الحكاية برابط الصداقة ، ومن ثم تتطور شيئًا فشيئًا حتى تصل إلى الحب " الوهمي " الناتج عن ارتياح كل منهما للأخر وإعجابه به والشوق إليه إلى أن يتعلق كل منهما بالطرف الأخر بحب مشبوه نتج عن علاقة مشبوهة خلف شاشات مظلمة في ليالي ظلما ، لتتكشف حقيقتها بصورة مظلمة لكل منهما .
فبالقلب نحب وبالعقل نكره وبهما نصاب بالجنوب ، فالحب يبدأ بكلمة ويعيش بالسعادة ويموت بالشك ، وهكذا هي حياة الحب عبر الإنترنت .
فهذه هي الحقيقة ، وإن كانت الحقيقة مرة وصعب على بني الإنسان تصديقها ، ويعيشون على الأمل ويتبعون السراب هروبًا من واقع اليم للعيش بسعادة وهمية ، ولا يدرك الإنسان الحقيقة إلا بعد خوض التجربة المرة بنفسه في تلك المدرسة التي تكون تكاليفها باهظة في أحيان كثيرة .
فلنؤمن بالحقيقة ونعيشها واقعًا ملموسًا ، ونهرب من تتبع السراب الذي يوردونا المهالك بعد التعب والعطش ، فنهلك قبل أن ننطق بالحقيقة المرة التي تجاهلناها ، وإن نطقنا بها في هذا الموقف فلا قيمة لها .
فلنعيش الحياة الجميلة بعيدًا عن الكوارث والمصائب التي تتلاطم بها جنبات الإنترنت ويشيب من هولها الطفل الرضيع ويفقد عقله وصوابه الرجل العاقل الصلب .
فلتكن لدينا الشجاعة والعزيمة والقوة الكافية للوقوف في دروب الأوهام التي توردونا مواطن الأحزان ، وأن لا ننهزم أمام شهواتنا وملذاتنا العابرة ، وأن نكون أقويا بالحق ، صادقين مع أنفسنا ، ثابتين على مبادئ ديننا الحنيف ، مستذكرين لمعاني الحياة السامية ودورنا فيها ورسالتنا التي نحملها للبلاغ كما أمرنا .
1_ مارايك بهاذا النوع من الحب ؟
2_ هل مررت بتجربه سابقه وماهي النتيجه ؟
3_ ماذا تقول لمن مازالو على هذا الطريق ؟