بعد أكثر من عشر سنوات من المطالبات حصلت سلطة المياه الفلسطينية مطلع الشهر الجاري على قرار من إسرائيل يسمح لها بحفر عدد محدد من الآبار الارتوازية "الجوفية" بمناطق بالضفة الغربية لسد حاجة الفلسطينيين المتفاقمة من المياه.
غير أن خبراء ومسؤولين شككوا في التزام إسرائيل بتطبيق القرار وتسهيلها عمليات الحفر دونما شروط أو قيود على المياه المستخرجة كما ونوعا.
عرقلة إسرائيلية
وقال الدكتور شديد العتيلي رئيس سلطة المياه الفلسطينية إن موافقة الاحتلال تأتي بعد مماطلات طويلة منذ اتفاقية أوسلو عام 1993، "ومع ذلك هذه الآبار ليست حلا لقضية المياه"، مشيرا إلى أن إسرائيل كانت تسمح ببناء خزانات وشبكات للمياه "ولم تسمح بتوفير مصادر للمياه كالآبار".
وأكد العتيلي للجزيرة نت أنهم لم يحصلوا على كمية المياه المقررة في اتفاق أوسلو "كإجراء مرحلي ينفذ خلال أربع سنوات من الاتفاق" والتي المقدرة بـ80 مليون متر مكعب سنويا، وأن ما حصلوا عليه طوال 14 عاما منذ التوقيع هو 30 مليون متر مكعب فقط "استُخرجت أصلا من آبار حُفرت على حساب الينابيع التي جفت نتيجة لذلك".
مضخات مياه إسرائيلية تسحب المياه من الآبار الفلسطينية (الجزيرة نت)
وتواجه السلطة عراقيل إسرائيلية على عمليات الحفر الموافق عليها أصلا كتحديد مناطق الحفر، فبينما وافقت إسرائيل على حفر بئرين من أصل أربع بمنطقة جنين في شمال الضفة، لم توافق على حفر أية آبار بمنطقة الحوض الغربي "وسط وشمال غرب الضفة" وسمحت فقط بإعادة تجديد الآبار القديمة.
وأوضح العتيلي أن إسرائيل أوقفت عملية الحفر لخمسة آبار أخرى بمنطقتي الخليل وبيت لحم، "وتتذرع بأن نصب أدوات الحفر المرتفعة يشوش عمليات التدرب للطيران".
سيطرة كاملة
وترجع إسرائيل قضية البت في مياه حسب العتيلي إلى مفاوضات الحل النهائي، "كما تمنعنا من استخدام مياه حوض نهر الأردن والمياه السطحية كمياه بحيرة طبرية الأفضل إداريا والأقل كلفة".
وأضاف أن إسرائيل تؤخر إدخال أدوات الحفر، حيث تحتاج عملية التنسيق لستة أشهر أو سنة أحيانا.
وبين أن هذه الآبار لن تحدث تحسنا ملموسا على نصيب الفرد الفلسطيني من المياه الذي يستهلك أصلا ما معدله 80 لترا من المياه يوميا في حين يحصل الإسرائيلي على أكثر من 300 لتر في اليوم، نتيجة لزيادة السكان واستخدام مياه بعض تلك الآبار لأغراض الزراعة.
وأشار إلى أن ما يحسن الوضع المائي للفلسطينيين حصولهم على "الحصة العادلة" من المياه سواء السطحية أو الجوفية كما تقررت وفق أوسلو التي يقدرها القانون الدولي بأضعاف "ما نحصل عليه الآن من أحواض المياه الثلاثة".
شروط وقيود
وتسيطر إسرائيل ليس فقط على الأحواض المائية الثلاثة بالضفة الغربية، وإنما على الآبار الارتوازية المحفورة أصلا "قبل عام 1967" والحديثة أيضا، بحيث تصادر قرابة 70 مليون متر مكعب من المياه من تلك الآبار، وتسيطر كذلك على المياه السطحية، والمياه فيما يعرف بمناطق "ج".
بدوره شكك مدير دائرة الصحة والبيئة ببلدية سلفيت – أكثر المناطق قربا من الحوض الغربي الغني بالمياه- أشرف زهد في قابلية إسرائيل للسماح بحفر الآبار، خاصة أنها لم تسمح به منذ احتلالها للضفة الغربية عام 1967.
أشرف زهد (الجزيرة نت)
وأشار إلى أن إسرائيل لا تسمح بحفر الآبار مطلقا، بل تسيطر على الآبار الفلسطينية أصلا وتبيع لهم مياها عبر شركة "ميكروت" الإسرائيلية، وإن سمحت –لتخفف من الضغط عليها- "فسيكون بمناطق مياه ضئيلة وليست نقية، وستستبعد الحوض الغربي من ذلك".
وتوقع زهد أن تضع إسرائيل شروطا مقيدة إذا سمحت للفلسطينيين بحفر الآبار، تتعلق بكميات المياه المستخرجة وآليات الحفر والطريقة والمكان، وحذر زهد من حفر هذه الآبار بمناطق يسهل ضمها داخل الجدار مستقبلا.